فصل: كتاب النكاح الخامس

مساءً 7 :34
/ﻪـ 
1446
جمادى الاخرة
29
الإثنين
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المدونة ***


كتاب النكاح الخامس

في الرجل ينكح النسوة في عقدة واحدة

قلت لابن القاسم‏:‏ أيجوز في قول مالك أن يتزوج الرجل امرأتين في عقدة واحدة‏.‏

قال‏:‏ لا أحفظ عن مالك في هذا شيئا ولا يعجبني ذلك إلا أن يكون سمي لكل واحدة منهما صداقها على حدة‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن طلق احداهما أو مات عنها قبل الدخول كم يكون صداقها أيقوم المهر الذي سمي أم يقسم بينهما على قدر مهريهما‏.‏

قال‏:‏ لا أرى أن يجوز إلا أن يكون سمي لكل واحدة صداقها‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن تزوج أربع نسوة في عقدة واحدة وسمي مهر كل واحدة منهن أيكون النكاح جائزا في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ لا أقوم على حفظ قول مالك فيه الساعة وأراه جائزا لأن الذي أخبرتك به أنه بلغني من قول مالك أنه إنما كرهه لأنه لا يدري ما صداق هذه من صداق هذه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن تزوج حرة وأمة في عقدة واحدة وسمي لكل واحدة صداقها‏.‏

قال‏:‏ كان مالك مرة يقول يفسخ نكاحه الأمة ويثبت نكاح الحرة ثم رجع فقال إن كانت الحرة علمت بالأمة فالنكاح ثابت نكاحها ونكاح الأمة ولا خيار لها وإن كانت لا تعلم فلها الخيار إن شاءت أقامت وإن شاءت فارقت‏.‏

قال سحنون‏:‏ وقد بينا هذا الأصل في الكتاب الأول‏.‏

في نكاح الأم وابنتها في عقدة واحدة

قلت‏:‏ أرأيت الرجل يتزوج المرأة وابنتها في عقدة واحدة ويسمي لكل واحدة صداقها ولم يدخل بواحدة منهما‏.‏

قال‏:‏ قال مالك ولم أسمعه أنا منه ولكن بلغني أنه قال يفسخ هذا النكاح ولا يقر على واحدة منهما‏.‏

قلت‏:‏ فإن قال أنا أفارق واحدة وأمسك الأخرى‏.‏

قال‏:‏ ليس ذلك له لأنه لم يعقد نكاح واحدة منهما قبل صاحبتها‏.‏

قلت‏:‏ فإذ فرقت بينهما أيكون له أن يتزوج الأم منهما‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ تحفظه عن مالك‏.‏

قال‏:‏ لم أسمعه من مالك ولكن هذا رأيي أن له أن يتزوج الأم‏.‏

قلت‏:‏ ويتزوج البنت‏.‏

قال‏:‏ لا بأس بذلك‏.‏

قال سحنون‏:‏ وقد قيل إنه لا يتزوج الأم للشبهة التي في البنت‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن تزوج امرأة وابنتها في عقدة واحدة وللأم زوج ولم يعلم بذلك ثم علم بذلك أيكون نكاح الأبنة جائزا أم لا‏؟‏ في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ ذلك لا يجوز لأن من قول مالك كل صفقة وقعت بحلال وحرام فلا يجوز ذلك عنده في البيوع‏.‏

قال وقال مالك وأشبه شيء بالبيوع النكاح‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن يحيى بن أيوب عن المثنى بن الصباح عن عمرو بن شعيب عن أبيه يرفع الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال أيما رجل نكح امرأة فدخل بها أو لم يدخل بها فلا يحل له نكاح أمها وأيما رجل نكح امرأة فدخل بها فلا يحل له نكاح ابنتها وإن لم يدخل بها فلينكحها ‏(‏رجال من أهل العلم‏)‏ عن زيد بن ثابت وبن شهاب والقاسم وسالم وربيعة مثله إلا أن زيدا قال الأم مبهمة ليس فيها شرط وإنما الشرط في الربائب‏.‏

الذي يتزوج المرأة ثم يتزوج ابنتها قبل أن يدخل بها

قلت‏:‏ أرأيت إن تزوج رجل امرأة فلم يدخل بها ثم تزوج ابنتها بعد ذلك وهو لا يعلم فدخل بالبنت‏.‏

قال‏:‏ تحرم عليه الام والبنت جميعا‏.‏

قال‏:‏ وقال مالك ولا يكون للأم صداق ويفرق بينهما ثم يخطب البنت إن أحب فأما الأم فقد حرمت عليه أبدا لأنها قد صارت من أمهات نسائه وإن كان نكاح البنت حراما فإنه يحمل في الحرمة محمل النكاح الصحيح ألا ترى أن النسب يثبت فيه وأن الصداق يجب فيه وأن الحدود تدفع فيه فلا بد للحرمة من أن تقع فيه كما تقع في النكاح الصحيح‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن تزوج بنا ثم تزوج أمها بعدها فبنى بالأم ولم يبن بالابنة‏.‏

قال‏:‏ يفرق بينه وبينهما كذلك قال مالك ولا تحل له واحدة منهما أبدا لأن الأم قد دخل بها فصارت الربيبة محرمة عليه أبدا والأم هي من أمهات نسائه فلا يحل له أبدا‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن يونس أنه سأل بن شهاب عن رجل تزوج امرأة فلم يدخل بها ثم تزوج أخرى فإذا هي ابنتها‏.‏

قال‏:‏ أرى أن يفرق بينه وبين ابنتها فإنه نكحها على أمها فإن لم يكن مس ابنتها أقرت عنده أمها فإن كان مسها فرق بينه وبين أمها لجمعه بينهما وقد نهى الله عن ذلك ولها مهرها بما استحل منها‏.‏

قال يونس‏:‏ وقال ربيعة يمسك الأولى فإن دخل بإبنتها فارقهما لأن هاتين لا تصلح احداهما مع الأخرى‏.‏

قلت‏:‏ ومحمل الجدات وبنات البنات وبنات البنين هذا المحل في قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قال‏:‏ وقال مالك كل امرأتين لا يحل لرجل أن يتزوج منهما واحدة بعد واحدة في النكاح الصحيح إذا دخل بالأولى فانظر إذا تزوج واحدة بعد واحدة فإجتمعا في ملكه فوطىء الأولى منهما فرق بينه وبين الآخرة وإن وطىء الآخرة منهما فرق بينه وبين الأولى والآخرة جميعا ثم إن أراد أن يخطب احداهما فانظر إلى ما وصفت لك من أمر الأم والبنت فاحملهم على ذلك المحمل فإن كان وطىء الأم حرمت البنت أبدا وإن كان وطىء البنت ولم يطأ الأم لم تحرم البنت فإن كان نكاح الابنة أو لا ثبت معها وفرق بينه وبين الأم وإن كان نكاح البنت آخرا فرق بينه وبينهما جميعا ثم خطبها بعد ثلاث حيض أو بعد أن تضع حملا إن كان بها حمل‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الرجل يتزوج المرأة فينظر إلى شعرها أو إلى صدرها أو إلى شيء من محاسنها أو ينظر إليها تلذذا أو قبل أو باشر ثم طلق أو ماتت إلا أنه لم يجامعها أتحل له ابنتها وقد قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم‏}‏‏.‏

قال‏:‏ قال مالك إذا نظر إلى شيء منها تلذذا لم يصلح له أن يتزوج ابنتها قال مالك وكذلك الخادم إذا نظر إلى ساقيها أو معصميها تلذذا لم تحل له بنت الخادم أبدا ولا تحل الخادم لأبيه ولا لإبنه أبدا‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن يحيى بن أيوب عن بن جريج يرفع الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال في الذي يتزوج المرأة فيغمزها ولا يزيد على ذلك‏؟‏ قال لا يتزوج ابنتها‏.‏

قال‏:‏ وكان بن مسعود يقول إذا قبلها فلا تحل له الإبنة أبدا ‏(‏وكان‏)‏ عطاء يقول إذا جلس بين فخذيها فلا يتزوج ابنتها ‏(‏مخرمة‏)‏ عن أبيه عن عبد الله بن أبي سلمة ويزيد بن قسيط وبن شهاب في رجل تزوج امرأة فوضع يده عليها وكشفها ولم يمسها إنه لا يحل له ابنتها‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن تزوج الأم فدخل بها ثم تزوج البنت ودخل بها‏.‏

قال‏:‏ قال مالك تحرمان عليه جميعا وكذلك الجدات وبنات بناتها وبنات بنيها هن بهذه المنزلة بمنزلة الأم والإبنة في الحرمة‏.‏

قلت‏:‏ فإن تزوج الأم ودخل بها أو لم يدخل بها ثم تزوج البنت بعد ذلك ولم يدخل بالبنت‏.‏

قال‏:‏ قال مالك يفرق بينه وبين البنت ويثبت على الأم لأن نكاح الأم لا‏؟‏ يفسد إلا بوطء الإبنة إذا كان وطء الإبنة بنكاح فاسد وكذلك إن كان إنما تزوج البنت أو لا فوطئها أو لم يطأها ثم تزوج الأم بعد ذلك لم يفسد نكاح البنت إلا أن يطأ الأم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن تزوج امرأة في عدتها ولم يبن بها حتى تزوج أختها أو أمها أيقران على النكاح الثاني في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ يثبت النكاح الثاني في رأيي لأن العقدة الأولى كانت باطلة لأنها تحل لإبنه ولأبيه أن ينكحها‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن تزوج امرأة في عدتها فلم يبن بها حتى تزوج أختها أو أمها أيقران على النكاح الثاني في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ يثبت على النكاح الثاني في رأيي لأن العقدة الأولى عقدة المرأة التي تزوجها في عدتها ليست بعقدة وليس ذلك بنكاح ألا ترى أنه إذا لم يبن بها أو يتلذذ منها بشيء حتى يفرق بينهما أن مالكا‏؟‏ قال لا بأس أن يتزوجها والده أو ابنه فهذا يدلك على مسألتك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن تزوج الأم وابنتها في عقدة واحدة فدخل بهما جميعا‏.‏

قال‏:‏ يفرق بينهما ولا ينكح واحدة منهما أبدا وهذا قول مالك‏.‏

قلت‏:‏ فإن كان إنما دخل بالأم أو بالابنة أو لم يدخل بهما جميعا‏.‏

قال‏:‏ سمعت عن مالك أنه قال إن كانت عقدتهما واحدة فدخل بالبنت حرمت عليه الأم ولا يتزوجها أبدا وفسخ نكاح البنت أيضا حتى يستبرئ رحمها ثم يتزوجها إن أحب بعد ذلك نكاحا مستقبلا‏.‏

قال‏:‏ وإن كان دخل بالأم ولم يدخل بالبنت فرق بينه وبينها ويستبرئ رحم الأم ثم ينكحها بعد ذلك ولا ينكح البنت أبدا وإن كان لم يدخل بواحدة منهما وكانت عقدتهما واحدة فرق بينهما ويتزوج بعد ذلك أيتهما شاء وهو رأيي لأن عقدتهما كانت حراما فلا يحرمان بعد ذلك حين لم يصبهما ألا ترى أنه لا يرث واحدة منهما لو ماتت ولو طلق واحدة منهما لم يكن ذلك طلاقا‏.‏

قال سحنون‏:‏ وقد بينا هذا الأصل في أول الكتاب‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا تزوج امرأة فلم يبن بها حتى تزوج أمها وهو لا يعلم فبنى بالأم أيفرق بينه وبين الابنة في قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ ويكون عليه للابنة نصف الصداق في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ لا يكون لها عليه من الصداق قليل ولا كثير‏.‏

قلت‏:‏ ولم وإنما جاءت هذه الفرقة والتحريم من قبل الزوج‏.‏

قال‏:‏ لأن هذا التحريم لم يتعمده الزوج وصار نكاح البنت لا يقر على حال فلما فسخ قبل البناء صارت لا مهر لها لا نصف ولا غيره‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن مخرمة عن أبيه قال سمعت سعد بن عمار يقول سألت بن المسيب وعروة وأيان بن عثمان عن رجل كانت له وليدة يطؤها ثم إنه باعها من رجل فولدت له جارية فأراد سيد الجارية الأول أن ينكح ابنتها من هذا الرجل‏.‏

قال‏:‏ فكلهم نهاه عن ذلك ورأوا أنه لا يصلح ‏(‏وقال‏)‏ مالك إنه بلغه ذلك إلا أنه قال فأراد الذي باعها أن يشتري ابنتها فيطأها قال فسأل عن ذلك أبان وبن المسيب وسليمان بن يسار فنهوه عن ذلك ‏(‏وقال‏)‏ وأخبرني الليث عن يحيى بن سعيد مثله‏.‏

في الرجل يزني بأم امرأته أو يتزوجها عمدا

قلت‏:‏ أرأيت إن زنى بأم امرأته أو بابنتها أتحرم عليه امرأته في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ قال لنا مالك يفارقها ولا يقيم عليها وهذا خلاف ما قال لنا مالك في موطئه وأصحابه على ما في الموطأ ليس بينهم فيه اختلاف وهو الأمر عندهم‏.‏

ابن أبي ذئب‏:‏ عن الحارث بن عبد الرحمن أنه سأل بن المسيب عن رجل كان يتبع امرأة حراما فأراد أن ينكح ابنتها أو أمها قال فسألت بن المسيب فقال لا يحرم الحرام الحلال‏.‏

قال‏:‏ ثم سألت عروة بن الزبير فقال نعم ما قال ابن المسيب‏.‏

قال‏:‏ بن أبي ذئب وقال ذلك بن شهاب‏.‏

قال‏:‏ وأخبرني رجال من أهل العلم عن معاذ بن جبل وربيعة قالا ليس لحرام حرمة في الحلال‏.‏

قلت‏:‏ فإن تزوج أم امرأته عمدا وهو يعلم أنها أمها أتحرم عليه الابنة في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ قد أخبرتك إنه كره أن يقيم عليها بعد الزنى فكيف بهذه التي تزوج والتزويج في هذا والزنا في أم امرأته التي تحته سواء إلا أن الذي تزوج إن عذر بالجهالة فلا حد عليه وهو أحرم من الذي زنى لأنه نكاح ويدرأ عنه فيه الحد ويلحق به النسب‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الصبي إذا تزوج المرأة ولم يجامعها أو جامعها وهو صبي هل تحل لآبائه أو لأجداده أو لولده أو لأولادا أولاده في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ لا لأن الله تبارك وتعالى يقول في كتابه ‏{‏وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم‏}‏ فلا تحل زوجة الابن على حال من الحالات دخل بها الابن أو لم يدخل بها وإنما تقع الحرمة عند عقد الابن نكاحها‏.‏

قال‏:‏ وكذلك امرأة الاب إذا عقد الأب نكاحها حرمت على أولاده وإن لم يدخل بها بعقد النكاح تقع الحرمة ها هنا ليس بالجماع إنما تلك الربيبة التي لا تقع الحرمة إلا بجماع أمها ولا تقع الحرمة بعقد نكاح أمها‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الرجل يفسق بالمرأة يزني بها أتحل لأبيه أو لابنه‏.‏

قال‏:‏ سمعت مالكا غير مرة وسئل عن الرجل يزني بأم امرأته أو يتلذذ بها فيما دون الفرج فقال أرى أن يفارق امرأته فكذلك الرجل عندي إذا زنى بامرأته لم ينبغ لابنه ولا لأبيه أن يتزوجها أبدا وهو رأيي الذي آخذ به‏.‏

قلت‏:‏ أفيتزوج الرجل المرأة التي قد زنى بها هو نفسه في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ نعم بعد الاستبراء من الماء الفاسد‏.‏

قلت‏:‏ ويحل للذي فسق بهذه المرأة أن يتزوج أمهاتها أو بناتها‏.‏

قال‏:‏ سمعت مالكا يسئل عن الذي يزني بختنته أو يعبث عليها فيما فوق فرجها فرأى أن يفارق امرأته فكيف يتزوج من ليس تحته فالذي أمره مالك أن يفارق امرأته من أجلها أيسر من التي قد زنى بها أن يتزوج أمها أو ابنتها وهو رأيي الذي آخذ به‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت مالكا هل كان يكره أن يتزوج الرجل المرأة قد قبلها أبوه لشهوة أو ابنه أو لامسها أو باشرها حراما‏.‏

قال‏:‏ سمعت منه في الذي يعبث على ختنته فيما دون الفرج أن مالكا أمره أن يفارق امرأته فهذا مثله وهو رأيي الذي آخذ به أن لا يتزوجها وإن ما تلذذ به الرجل من امرأة على وجه الحرام فلا أحب لأبيه ولا لإبنه أن يتزوجها ولا أحب له أن يتزوج أمها ولا ابنتها وقد أمره مالك أن يفارق من عنده لما أحدث في أمها فكيف يجوز لمن ليست عنده أن يتزوجها‏.‏

قلت‏:‏ فإن جامعها أكان مالك يكره لأبيه أو لإبنه أن ينكحها‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن زنى الرجل بامرأة أبيه أو بامرأة ابنه أتحرم على أبيه أو على ابنه في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ الذي آخذ به أنه لا ينبغي لرجل ولا لأبيه أن يخبرا امرأة واحدة كما كره مالك أن يخبر الرجل الواحد المرأة وابنتها‏.‏

قال‏:‏ وسمعته وسأله رجل عن رجل زنى بأم امرأته قال أرى أن يفارقها والذي سأله عنها وهو رجل نزلت به وأنا أرى إذا زنى الرجل بامرأة ابنه أن يفارقها الابن ولا يقيم عليها ‏(‏مخرمة بن بكير‏)‏ عن أبيه قال سمعت سليمان بن يسار واستفتى في رجل نكح امرأة ثم توفي ولم يمسها هل تصلح لابنه فقال لا تصلح لابنه‏.‏

قال بكير‏:‏ وقال ذلك بن قسيط‏.‏

ابن لهيعة‏:‏ عن جابر بن عبد الله بذلك ‏(‏يونس‏)‏ قال ابن شهاب لا تحل لإبنه وإن طلقها‏.‏

قال يونس‏:‏ وقال ربيعة لا تحل امرأة ملك بضعها رجل لوالد ولا لولد دخل بها أو لم يدخل بها‏.‏

في نكاح الأختين

قلت‏:‏ أرأيت إن تزوج امرأة فلم يبن بها حتى تزوج أختها فبنى بها أيتهن امرأته في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ الأولى ويفرق بينه وبين الثانية‏.‏

قلت‏:‏ ويكون للأخت المدخول بها مهر مثلها أو المهر الذي سمي لها‏.‏

قال‏:‏ قال مالك المهر الذي سمي لها‏.‏

قال مالك‏:‏ وكذلك إن تزوج أخته من الرضاعة ففرق بينهما بعد البناء فإن لها المهر الذي سمي‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا تزوج في عقدة واحدة أختين لم يعلم بذلك ولا هما علمتا بذلك فعلم قبل البناء بهما أو بعد البناء بهما أيكون للزوج الخيار في أن يحبس أيتهما شاء في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ لا خيار للزوج في أن يحبس واحدة منهما ولكن يفرق بينه وبينهما‏.‏

قال‏:‏ وكل امرأتين يجوز له أن ينكح احداهما بعد صاحبتها ولا يجوز له أن يجمعهما جميعا تحته فإنه إن كان تزوجهما في عقدة واحدة فبنى بهما أو لم يبن بهما فسخ نكاحه منهما جميعا ولا خيار له في أن يحبس واحدة منهما‏.‏

وينكح أيتهما شاء بعد ذلك بعد أن يستبرئ إن كان قد دخل بهما أو بواحدة منهما وهذا قول مالك‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن يونس أنه سأل بن شهاب عن رجل تزوج امرأة ولم يدخل بها ثم تزوج أخرى بالشام فدخل بها فإذا هي أختها ثم قال لها أنت طالق ثلاثا قال ابن شهاب لا نرى عليه بأسا أن يمسك الأولى منهما فإن نكاحها كان أول نكاح وللتي طلق مهرها كاملا وعليها العدة وإن كانت حاملا فعليه نفقتها حتى تضع حملها‏.‏

قال يونس‏:‏ وقال ربيعة إما هو تكون الأولى بيده فهي امرأته وقد فارق الآخرة وإما هو طلق الأولى فالآخرة مفارقة على كل حال‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن تزوج أختين واحدة بعد واحدة وقد دخل بهما جميعا‏.‏

قال‏:‏ قال مالك يفرق بينه وبين الآخرة ويثبت مع الأولى وكذلك العمة والخالة مما يحل للرجل أن يتزوج واحدة بعد هلاك الأخرى أو طلاقها‏.‏

في الأختين من ملك اليمين

قلت‏:‏ أرأيت الرجل يتزوج المرأة وعنده أختها يملك يمينه قد كان يطؤها أيصلح له هذا النكاح‏.‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أن مالكا‏؟‏ قال لا ينبغي للرجل أن يتزوج امرأة إلا امرأة يجوز له أن يطأها إذا نكحها فأرى هذه عندي لا يستطيع إذا تزوجها أن يطأها ولا يقبلها ولا يباشرها حتى يحرم عليه فرج أختها ولا يعجبني أن ينكح الرجل امرأة ينهى عن وطئها أو تقبيلها لتحريم أخرى على نفسه ولا يجوز له أن ينكح إلا في الموضع الذي يجوز له فيه الوطء ولو نكح لم أفرق بينه وبين امرأته ووقفته عنها حتى يحرم أيتهما شاء ولم أسمع هذا من مالك ولكنه رأيي‏.‏

قال سحنون‏:‏ وقد قال عبد الرحمن إن النكاح لا ينعقد وهو أحسن قوله وقد بينا هذا الأصل في كتاب الاستبراء‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا كان يطأ أمة فباعها من رجل ثم تزوج أختها فلم يبن بها حتى استبرأ أختها التي كان يطأ أيكون له أن يطأ امرأته وقد عادت إليه الأمة التي كان يطأ أم لا‏؟‏ يكون له أن يطأ امرأته حتى يحرم عليه فرج الأمة‏.‏

قال‏:‏ نعم له أن يطأ امرأته وليس عليه أن يحرم فرج جاريته‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وقد قال مالك في الرجل يكون عنده الأختان من ملك اليمين فيطأ احداهما قال مالك فلا يطأ الأخرى حتى يحرم فرج التي وطىء فإن هو باع التي وطىء ثم وطىء التي عنده ثم اشترى التي باع‏.‏

قال‏:‏ قال مالك فلا بأس أن يقيم على التي وطىء لأنه حين باع التي كان وطئها أولا حل له أن يطأ أختها فلما وطىء أختها بعد البيع ثم اشتراها والتي عنده حلال له فلا يضره شراء أختها في وطء هذه التي عنده‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم إن هذا حين باع أختها وطىء هذه التي بقيت في ملكه وليس مسألتي هكذا إنما مسألتي أنه عقد نكاح أختها بعد بيعها فلم يطأ أختها التي كان يطأ وقول مالك إنه وطىء التي بقيت في ملكه بعد بيع الأخرى قال الوطء ها هنا والعقد سواء لأن التحريم قد وقع بالبيع‏.‏

قلت‏:‏ أوقع التحريم بالبيع في التي باع ووقع التحليل في التي بقيت عنده في ملكه فلا يضره وطئها أو لم يطأها إن هو اشترى التي باع فله أن يطأ التي بقيت في ملكه ويمسك عن التي اشترى‏.‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ وتجعلهما كأنهما اشتريتا عبد وطئهما جميعا‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ وتجعلهما كأنهما اشتريتا بعد ما وطئهما جميعا‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ ولو أن رجلا كان يطأ جارية فباعها وعنده أختها لم يكن وطئها ثم اشترى التي كان باع قبل أن يطأ التي كان مخيرا أن يطأ أيتهما شاء لأن التحليل وقع فيهما قبل أن يطأ التي عنده فله أن يطأ أيتهما شاء‏.‏

قال‏:‏ نعم هاتان قد إجتمع له التحليل في أيتهما شاء فإذا وطىء واحدة أمسك عن الأخرى حتى يحرم عليه فرج التي كان وطىء وهذا رأيي‏.‏

قال‏:‏ ولو أن رجلا كانت عنده أختان فوطىء احداهما ثم وثب على الأخرى فوطئها قبل أن يحرم عليه فرج التي وطىء أولا وقف عنهما جميعا حتى يحرم عليه أيتهما شاء‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن تزوج امرأة فلم يطأها حتى اشترى أختها أيكون له أن يطأ امرأته قبل أن يحرم عليه فرج التي اشترى‏.‏

قال‏:‏ نعم لا بأس بذلك ألا ترى لو أن رجلا اشترى أختا بعد أخت كان له أن يطأ الأولى منهما وإن شاء الآخرة إلا أن هذا في النكاح لا يجوز له أن يطأ أختها التي اشترى إلا أن يفارق امرأته وهذا في هذه المسألة مخالف للشراء فكذلك النكاح‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن تزوج امرأة فاشترى أختها قبل أن يطأ امرأته فوطىء أختها أتمنعه من امرأته حتى يحرم عليه فرج أمته أم لا‏؟‏ قال ابن القاسم‏:‏ يقال له كف عن امرأتك حتى تحرم عليك فرج أختك‏.‏

قلت‏:‏ ولا يفسد هذا نكاحه‏؟‏ قال لا‏.‏

قلت‏:‏ لم‏.‏

قال‏:‏ لأن العقدة وقعت صحيحة فلا يفسده ما وقع بعده من أمر أختها ألا ترى أنه لو تزوج امرأة ثم تزوج أختها فدخل بالثانية فإنه يفرق بينه وبين الثانية عند مالك ويثبت على نكاح الأولى فكذلك مسألتك وإن تزوج أختين في عقدة واحدة وإن سمي لكل واحدة مهرا كان نكاحه فاسدا عند مالك فكذلك الذي كانت عنده أمة يطؤها فيتزوج أختها بعد ذلك فأرى أن يوقف عنها حتى يحرم عليه فرج أختها التي وطئها ولا أرى أن يفسخ النكاح‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الرجل يكون عنده أم ولد ثم تزوجها ثم يشتري أختها فيطؤها ثم ترجع إليه أم ولده أيكف عن أختها التي وطىء أم يقيم على وطئها ويمسك عن أم ولده‏.‏

قال‏:‏ بل يقيم على وطء هذه التي عنده ويمسك عن أم ولده‏.‏

قلت‏:‏ فإن ولدت منه الثانية فزوجها ثم رجعتا إليه جميعا أيكون له أن يطأ أيتهما شاء ويمسك عن الأخرى‏.‏

قال‏:‏ نعم ما لم يطأ التي رجعت إليه أولا قبل أن ترجع إليه الأخرى‏.‏‏.‏

في وطء الأختين من الرضاعة بملك اليمين

قلت‏:‏ أرأيت الرجل يملك الأختين من الرضاعة أيصلح له أن يطأهما في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ قال مالك إذا وطىء احداهما فليمسك عن الأخرى حتى يحرم عليه فرج التي وطىء ثم إن شاء وطىء الأخرى وإن شاء أمسك عنها‏.‏

قلت‏:‏ والرضاعة في هذا والنسب في قول مالك سواء‏.‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

في نكاح الأخت على الأخت في عدتها

قلت‏:‏ أيصلح للرجل أن يتزوج امرأة في عدة أختها منه من طلاق بائن في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك لو كن تحته أربع نسوة فطلق احداهن طلاقا بائنا فتزوج أخرى في عدتها‏.‏

قال‏:‏ قال مالك نعم ذلك جائز‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن طلق امرأته تطليقة فقال الزوج قد أخبرتني أن عدتها قد انقضت وذلك في مثل ما تنقضي فيه العدة أيصدق الرجل على إبطال السكنى إن كان أبت طلاقها وإن كان لم يبت طلاقها أيصدق على قطع النفقة والسكنى عن نفسه وعلى تزويج أختها‏.‏

قال‏:‏ لا يصدق لأن مالكا قال في العدة القول قول المرأة‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن كان قد تزوج أختها فقالت المرأة لم تنقض عدتي وقال الزوج قد أخبرتني أن عدتك قد انقضت‏.‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك في هذا شيئا وقد أخبرتك بقول مالك إن القول قول المرأة في انقضاء العدة وأرى أن يفرق بينهما ولا يصدق إلا أن يشهد على قولها أو يأتي بأمر يعرف به أن عدتها قد انقضت ‏(‏مخرمة بن بكير‏)‏ عن أبيه قال سمعت يزيد بن عبد الله بن قسيط واستفتي في رجل طلق امرأته فبتها هل يصلح له أن ينكح أختها وهذه في عدتها منه لم تنقض بعد‏.‏

قال‏:‏ نعم وقال ذلك عبد الله بن أبي سلمة وأخبرني غير واحد عن بن شهاب مثله وقال من أجل أنه لا رجعة له عليها وأنه لا ميراث بينهما ‏(‏وقال‏)‏ عبد العزيز بن أبي سلمة مثله ‏(‏مالك‏)‏ عن ربيعة عن القاسم بن محمد وعروة بن الزبير أنهما سئلا عن رجل تحته أربع نسوة فطلق واحدة البتة أينكح إن أراد قبل أن تنقضي عدتها فقالا نعم فلينكح إن أحب ‏(‏وأخبرني‏)‏ رجال من أهل العلم عنعثمان بن عفان وزيد بن ثابت وسالم بن عبد الله وبن شهاب وربيعة وعطاء ويحيى بن سعيد وسعيد بن المسيب بذلك وقال عثمان إذا طلقت ثلاثا فإنها لا ترثك ولا ترثها انكح إن شئت ‏(‏وقال‏)‏ عطاء لينكح قبل أن تنقضي العدة وهو أبعد الناس منه‏.‏

في الجمع بين النساء

قال ابن القاسم‏:‏ وقال مالك في كل من يحل من النساء أن ينكح واحدة بعد واحدة فلا يحل له أن يجمع بينهن في ملك واحد مثل العمة وبنت الأخ وبنت الأخت والأختين فهو إذا تزوج واحدة بعد واحدة وهو لا يعلم فدخل بالآخرة منهما قبل أن يدخل بالأولى أو دخل بهما جميعا فإنه في هذا كله يفرق بينه وبين الآخرة ويثبت مع الأولى لأن نكاحهما كان صحيحا فلا يفسد نكاحها ما دخل ها هنا من نكاح عمتها ولا أختها وإن كان قد دخل بالآخرة فعليه صداقها الذي سمي لها وإن لم يكن سمي صداقا فعليه صداق مثلها والفرقة بينهما بغير طلاق لأنه لا يقر معها على حال وهذا كله قول مالك‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ العمة وبنات أخيها وبنات بناتها وبنات بنيها وإن سفلن بنات الذكور منهن وبنات الإناث فلا يصلح لرجل أن يجمع بينهن بين ثنتين منهن لأنهن ذوات محارم وقد نهى أن يجمع بين ذوات المحارم وكذلك هذا في الرضاع سواء يحمل هذا المحمل وكذلك هذا في الملك عند مالك لأن مالكا قال يحرم من الرضاعة في الملك ما يحرم من النسب‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الخالة وبنت الأخت من الرضاعة أيجمع بينهما الرجل في نكاح أو في ملك اليمين يطؤهما في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ قال مالك الولادة والرضاعة والملك سواء التحريم فيها سواء في النكاح وفي ملك اليمين سواء لا يصلح له أن يتزوج الخالة وبنت أختها من الرضاعة ولا بأس أن يجمعها في الملك ولا يجمعهما في الوطء إن وطىء واحدة لم يطأ الأخرى حتى يحرم عليه فرج التي وطىء‏.‏

ابن لهيعة‏:‏ عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن جمع الرجل بين المرأة وعمتها وبين المرأة وخالتها‏.‏

ابن لهيعة‏:‏ عن بن هبيرة عن عبد الله بن زرير عن علي بن أبي طالب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله ‏(‏يونس‏)‏ عن بن شهاب قال نرى خالة أبيها وعمة أمها بتلك المنزلة وإن كان ذلك من الرضاعة ‏(‏يونس‏)‏ عن بن شهاب‏؟‏ قال لا يجمع بين امرأة وخالة أبيها ولا خالة أمها ولا عمة أبيها ولا عمة أمه‏.‏

في وطء المرأة وابنتها من ملك اليمين والنكاح

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا وطىء جاريته أو جارية ابنه وعنده أمها امرأة له فولدت الأمة أتحرم عليه امرأته وهل تكون الأمة أم ولد له في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ أرى أن يفارق امرأته وأرى أن يعتق الجارية لأنه لا ينبغي له وطؤها بوجه من الوجوه وليس له أن يتعبها في الخدمة وإنما كان له فيها من المتاع بالوطء لأني سمعت مالكا يقول من زنى بأم امرأته إنه يفارق امرأته فكيف بمن وطىء بملك وهو لا حد عليه فيها فمن لا حد عليه فيها أشد في التحريم ممن عليه فيها الحد والحجة في أنها تعتق لأن مالكا سئل عن الذي يطأ أخته من الرضاعة وهو يملكها‏؟‏ قال لا حد عليه وأرى أن تعتق عليه إن حملت لأنه لا يصل إلى وطئها ولا منفعة له فيها من خدمة وكل من وطىء من ذوات المحارم فحملت فإنه يعتق عليه ولا يؤخر فالذي وطىء ابنة امرأته مما يملكه بمنزلة أخته من الرضاعة ممن يملك سواء ولو لم تحمل حرمت عليه امرأته لأنه ممن لا حد عليه وهذا مما لا إختلاف فيه ولقد سمعت مالكا غير مرة يقول يفارق امرأته إذا زنى بأمها أو بإبنتها فكيف بهذا ‏(‏الليث‏)‏ عن يحيى بن سعيد أنه‏؟‏ قال لا يصلح للرجل أن ينكح ابنة بن امرأته ولا ابنة ابنتها ولا شيئا من أولاد أولادهما وإن بعدن منه‏.‏

قال‏:‏ وبلغني عن عمر بن عبد العزيز أنه كتب إلى أبي بكر بن حزم يقول تسألني عن الرجل يجمع بين المرأة وابنتها في ملك اليمين فلا يقرن ذلك لا حد فعله فقد نزل في القرآن النهي يعني عنه وإنما استحل ذلك من استحله لقول الله تعالى‏:‏ ‏{‏إلا ما ملكت أيمانكم‏}‏ وقد كان بلغنا أن رجلا من أسلم سأل عثمان بن عفان عن ذلك فقال لا يحل لك ودخل عليه علي بن أبي طالب وعبد الرحمن بن عوف في رجال من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فنهوه عن ذلك وقالوا إنما أحل الله لك ما سمي لك سواء هؤلاء مما ملكت أيمانكم‏.‏

احصان النكاح بغير ولي

قلت‏:‏ لابن القاسم أرأيت إن تزوج رجل امرأة بغير ولي استخلفت على نفسها رجلا فزوجها ودخل بها أيكون هذا نكاح احصان في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ لا يكون احصانا‏.‏

احصان الصغيرة

قلت‏:‏ أرأيت الصبية الصغيرة التي لم تحصن ومثلها يجامع إذا تزوجها فدخل بها وجامعها أيكون ذلك احصانا في قول مالك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ نعم تحصنه ولا يحصنها‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت المجنونة والمغلوبة على عقلها إذا تزوجها فدخل بها وجامعها هل تحصنه في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ نعم في رأيي ولا يحصنها هو ‏(‏وقال‏)‏ بعض الرواة يحصنها وهي من الحرائر المسلمات ولأن نكاحها حلال‏.‏

احصان الصبي والخصي

قلت‏:‏ أرأيت الصبي إذا لم يحتلم يتزوج المرأة فيدخل بها فيجامعها ومثله يجامع أيحصنها‏؟‏ قال لا‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت هذا الصبي إذا بنى بامرأته وجامعها هل يجب بجماعه إياها المهر لها‏.‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك فيه شيئا ولا أرى ذلك لها ولا عدة عليها إن صالحها أبوه أو وصيه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الخصي القائم الذكر هل يحصن‏.‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك فيه شيئا ولكن قال مالك هو نكاح وهو يغتسل منه ويقام فيه الحد فإذا تزوج وجامع فذلك احصان‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت المجنون والخصي هل يحصنان المرأة‏.‏

قال‏:‏ نعم في رأيي لأن المرأة إذا رضيت بأن تتزوج مجنونا أو خصيا قائم الذكر فهو وطء يجب فيه الصداق ويجب لوطء المجنون والخصي الحد فإذا كان هكذا فجماعه في النكاح احصان وهو نكاح صحيح إلا أن لها أن تختار إن لم تعلم وإن علمت فرضيت فوطئها بعد علمها فهو نكاح‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت المجبوب هل يحصنها‏.‏

قال‏:‏ لا يحصن إلا الوطء عند مالك والمجبوب لا يطأ‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت العبد هل يحصن الحرة‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت امرأة تزوجها خصي وهي لا تعلم أنه خصي وكان يطؤها ثم علمت أنه خصي فإختارت فراقه أيكون وطؤه ذلك احصانا في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك فيه شيئا ولا أراه إحصانا لها ولا له ولا يكون الاحصان عند مالك إلا ما يقام عليه ولا خيار فيه‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ فأن أصابها بعد علمها بأنه خصي انقطع خيارها ووجب عليها الاحصان بذلك الوطء ‏(‏يونس بن يزيد‏)‏ عن بن شهاب أنه سمع عبد الملك بن مروان يسأل عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود هل تحصن الأمة الحر فقال نعم فقال له عبد الملك عمن تروي هذا فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون ذلك ‏(‏يونس‏)‏ عن ربيعة أنه قال يحصن الحر بالمملوكة وتحصن الحرة بالعبد لأن الله تبارك وتعالى جعل ذلك تزويجا تجري فيه العدة والردة والصداق وعدة ما أحل الله من النساء ‏(‏يونس‏)‏ عن بن شهاب قال إن الأمة تحصن الحر لأن الله تعالى قال ‏{‏وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء‏}‏ فبذلك كان يرى أهل العلم أنه احصان‏.‏

ابن لهيعة‏:‏ عن بكير بن الأشج عن سعيد بن المسيب وسالم بن عبد الله وسليمان بن يسار مثله‏.‏

ابن لهيعة‏:‏ عن محمد بن عبد الرحمن عن القاسم بن محمد وسالم بن عبد الله وعبد الرحمن بن الهدير وكان شيخا قديما مرضيا وأبي سلمة بن عبد الرحمن ومحمد بن عبد الرحمن بن ثوبان وبن قسيط أنهم كانوا يقولون الحر يحصنه نكاح الأمة والعبد يحصن بنكاحه الحرة ‏(‏مخرمة‏)‏ عن أبيه عن القاسم وسالم وسليمان بن يسار مثله‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن شمر بن نمير عن حصين بن عبد الله عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب بذلك ‏(‏مالك‏)‏ قال بلغني عن القاسم بن محمد أنه كان يقول إذا نكح الحر الأمة فقد أحصنته‏.‏

قال‏:‏ مالك وقال ذلك بن شهاب‏.‏

قال ابن وهب‏:‏ قال مالك والأمر عندنا أن الحرة يحصنها العبد إذا مسه‏.‏

في احصان الأمة واليهودية والنصرانية

قلت‏:‏ هل تحصن الأمة واليهودية والنصرانية الحر في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ نعم إذا كان نكاحهن صحيحا‏.‏

قلت‏:‏ فإن كان النكاح فاسدا أيكونان به محصنين إذا كانا حرين مسلمين أو حرا مسلما على نصرانية أو أمة والنكاح فاسد‏.‏

قال‏:‏ لا يحصن هذا النكاح وإنما يحصن من النكاح عند مالك ما كان منه يقام عليه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت المسلم يتزوج النصرانية فيطؤها ثم يطلقها أو يموت عنها ثم تزني قبل أن تسلم أو تسلم ثم تزني أتكون محصنة أم لا‏؟‏ قال‏:‏ قال مالك لا تكون محصنة حتى تسلم وهي تحت زوج فيجامعها من بعد الإسلام فإن جامعها من بعد الإسلام أحصنها وإلا لم يحصنها‏.‏

قال مالك‏:‏ وكذلك الأمة لا يحصنها زوجها بجماع كان منه وهي في رقها وإنما يحصنها إذا جامعها بعد ما عتقت ‏(‏يونس بن يزيد‏)‏ عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه‏؟‏ قال لاتحصن النصرانية بمسلم إن جاز له نكاحها ولا يحصن من كان على غير الإسلام بنكاحه وإن كانوا من أهل الذمة بين ظهراني المسلمين حتى يخرجوا من دينهم إلى الإسلام ثم يحصنون في الإسلام قد أقروا بالذمة على ما هو أعظم من نكاح الأمهات والبنات على قول البهتان وعبادة غير الرحمن ‏(‏يونس‏)‏ عن ربيعة أنه‏؟‏ قال لا يحصن العبد ولا الأمة بنكاح كان في رق فإذا أعتقا فكأنهما لم يتزوجا قبل ذلك فإذا تزوجها بعد العتاقة وابتنيا فقد أحصنا ‏(‏يونس‏)‏ عن بن شهاب أنه قال في مملوك تحته أمة فيعتقان ثم زنيا بعد ذلك قال يجلد كل واحد منهما مائة جلدة فإنهما عتقا وهما متناكحان بنكاح الرق ‏(‏يونس‏)‏ عن بن شهاب أنه قال لم نسمع أحدا من علمائنا يشك في أنه قد أحصن وأنه قد وجب عليه الرجم إذا نكح المسلم الحر النصرانية ‏(‏مخرمة‏)‏ عن أبيه قال سمعت عبد الله بن أبي سلمة يقول في رجل تزوج نصرانية ثم زنى هل عليه من رجم‏؟‏ قال نعم يرجم ‏(‏يونس‏)‏ عن ربيعة أنه قال إن جاز للحر المسلم أن ينكح النصرانية أحصن به‏.‏

في الدعوى في الاحصان

قلت‏:‏ أرأيت الرجل يتزوج المرأة فيدخل بها ثم يطلقها فيقول ما جامعتها وتقول المرأة قد جامعني‏.‏

قال‏:‏ القول قول المرأة في ذلك‏.‏

قلت‏:‏ فإن طلقها واحدة‏.‏

قال‏:‏ القول قول المرأة في الصداق وعليها العدة ولا يملك الرجعة وهذا قول مالك‏.‏

قال‏:‏ وبلغني أن مالكا قيل له أفتنكح بهذا زوجا كان طلقها البتة إذا طلقها زوجها فقال الزوج لم أطأها وقالت المرأة قد وطئني‏.‏

قال مالك‏:‏ لا أرى ذلك له إلا بإجتماع منهما على الوطء‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وأرى أن تدين في ذلك ويخلى بينها وبين نكاحه وأخاف أن يكون هذا من الذي طلقها ضرارا منه في نكاحها‏.‏

قلت‏:‏ فهل يكون الرجل محصنا أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا يكون محصنا ولا تصدق عليه المرأة في الإحصان ‏(‏سحنون‏)‏ وقد قال بعض الرواة وإن أخذ منه الصداق لأنه إنما أخذ منه الصداق لما مضى من الحكم الظاهر ولم يقر بأنه أصابها‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت المرأة تكون محصنة في قول مالك وقد أقرت بالجماع‏.‏

قال‏:‏ لا تكون محصنة وكذلك بلغني عن مالك ‏(‏وقال بعض الرواة‏)‏ لها أن تسقط ما أقرت به من الإحصان قبل أن تؤخذ في زنا أو بعد ما أخذت لادعائها الصداق وإنها لو لم تدعه إذ لم يقر به الزوج لم يكن لها فلما كان إقرارها بالوطء الذي تزعم أنها إنما أقرت به للصداق كان لها أن تلغي الإحصان الذي أقرت به‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم أرأيت العنين أو الرجل الذي ليس بعنين يدخل بامرأته فيدعى أنه قد جامعها وأنكرت هي الجماع وقالت ما جامعني ثم طلقها البتة‏.‏

قال‏:‏ قد أقر لها بالصداق فيقال لها خذي إن شئت وإن شئت فدعي‏.‏

قلت‏:‏ فإن قالت المرأة بعد ذلك أتكون محصنة‏.‏

قال‏:‏ لا تكون محصنة إلا بأمر يعرف به المسيس بعد النكاح‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت المرأة تقيم مع زوجها عشرين سنة ثم وجدوها تزني فقال الزوج قد كنت أجامعها وقالت المرأة ما جامعني أتكون محصنة أم لا‏؟‏ في قول مالك‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ أراها محصنة‏.‏

قال سحنون‏:‏ وكذلك يقول غيره إنها محصنة وليس لها إنكار لأنها إنما ترفع حدا وجب عليها لم تكن منها قبل ذلك دعوى‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن امرأة طلقها زوجها البتة قبل البناء بها فتزوجت غيره فلم يدخل بها حتى مات عنها فادعت المرأة أنه قد جامعها ولم يبن بها قالت طرقني ليلا فجامعني أتحلها لزوجها الأول أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لم أسمع من مالك فيه شيئا ولا أرى أن تصدق في الجماع إن أرادت الرجوع لزوجها إلا بدخول معروف‏.‏

قلت‏:‏ فإن زنت أتكون عندك محصنة بقولها ذلك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا تكون محصنة‏.‏

قال سحنون‏:‏ وهذه مثل الأولى لها طرح ما ادعت‏.‏

في إحصان المرتدة

قلت‏:‏ أرأيت الرجل المسلم يتزوج المرأة ويدخل بها ثم ترتد عن الإسلام ثم ترجع إلى الإسلام فتزني قبل أن تتزوج من بعد الردة أترجم أم لا‏؟‏ ترجم‏.‏

قال‏:‏ لا أرى أن ترجم ولم أسمعه من مالك إلا أن مالكا سئل عنها إذا ارتدت وقد حجت ثم رجعت إلى الإسلام أيجزئها ذلك الحج‏؟‏ قال لا حتى تحج حجة مستأنفة فإذا كان عليها حجة الإسلام حتى يكون إسلامها ذلك كأنه مبتدأ مثل من أسلم كان ما كان من زنا قبله موضوعا وما كان لله وإنما تؤخذ في ذلك بما كان للناس من الفرية والسرقة مما لو عملته وهي كافرة كان ذلك عليها وكل ما كان لله مما تركته قبل ارتدادها من صلاة أو صيام أفطرته من رمضان أو زكاة تركتها أو زنا زنته فذلك كله عنها موضوع وتستأنف بعد أن رجعت إلى الإسلام ما كان يستأنفه الكافر إذا أسلم‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وهو أحسن ما سمعت وهو رأيي‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ والمرتد إذا ارتد وعليه أيمان بالعتق أو عليه ظهار أو عليه أيمان بالله قد حلف بها إن الردة تسقط ذلك كله عنه ‏(‏سحنون‏)‏ وقال بعض الرواة إن ردته لا تطرح إحصانه في الإسلام ولا أيمانه بالطلاق ألا ترى أنه لو طلق امرأته ثلاثا في الإسلام ثم ارتد ثم رجع أكان يكون له تزويجها بغير زوج ولو نكح امرأة قد طلقها زوجها ثلاثا ثم ارتد ثم رجع إلى الإسلام أما كانت الزوجة تحل لزوجها الذي طلقها ثلاثا بنكاحه قبل أن يرتد ووطئه إياها‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت العبدين إذا أعتقا وهما زوجان فلم يجامعها بعد العتق حتى زنيا أيكونان محصنين أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا يكونان محصنين إلا بجماع من بعد العتق وكذلك قال ابن شهاب وربيعة‏.‏